الخميس، 14 يناير 2016

حد السرقة في الإسلام .. أين الخلل؟

 

حد السرقة في الإسلام .. أين الخلل؟
السرقة .. مفتاح خط الجرائم تبدأ بالأختلاس والإعتياد ثم الى الإغتصاب والقتل .. هذه الجريمة من أخطر الجرائم التي عانت منها البشرية بسبب اللوزام التي تتبع هذه الجريمة.
كانت الأمم سابقة تتعامل مع المجرم بغير معيار فيخضع للموقف وحال السارق فتبدأ بالتوبيخ وتنتهي بالقتل أو التعذيب.
ففي أوروبا كان السارق يصل به الحال الى الإعدام شنقاً او بالتربيع اذا سرق من النبلاء والتربيع هو ربط الأعضاء على اربع خيول وشدها أو قطع الرأس بالمقصلة أو قطع اليدين.
وفي أقصى شرق العالم كان أيضاً يتعرض السُراق الى الإعدام حسب الموقف الذي يحصل للسارق فعقوبته كانت مدمية في أغلب أحوالها.
لم يكن العرب خلافاُ لتلك الأمم بل كانوا جزء منها في التعامل مع السرقة فكانوا يعدمون ضعفاء المجرمين ويعينون أقوياء اهل الإجرام على البقاء.
حتى جاء الإسلام وبشرعه ليضع ضبطاً لهذه الجريمة بحيث لا يظلم السارق ولايظلم المجتمع من جرم السارقين ومن تطور إجرامهم.
قبل أن ندرس موقف الإسلام من السرقة لابد أن نعرف السرقة حق معرفة ليدرك المسلم السرقة على وجهها الصحيح فلا يكون بعد توسع مداركه تجاهها قصير النظر في معرفه دائرة الجرائم .
السرقة حِرفه تعتمد على المهارة والفن والإحساس وتتطور بالممارسة وتتوسع أيضاً بها الاهداف وذلك بزايدة الإحتراف و تكتل الجماعات في دائرة واحدة فتصبح قوى دخل الدولة وتتحكم بمفاصلها أحيانا كالمافيا في إيطاليا وياكوزا في اليابان التي بلغ عددها عام 1996 الى 150 الف شخص موزعين في البلاد.
ومن هنا نعرف خطر السرقة التي يظن العامة انها محصورة في الإختلاس إلا ان اهل الاختصاص يدركون ان السرقة مفتاح طويل الامد لابد من كبحه بالعقوبات الكافية لردعه او بتحقيق أعلى دخل للفرد إذا امكن ذلك لتجنب ظهور بوادر السرقة كالسويد مثلاً.
إلا ان السويد فشلت في محاربة ما يسير في خط سرقة وهو الإغتصاب الذي يعد من الإعتداء الذي ينبني على سرقة الأعراض أي هو سرقة من نوع متطور.
فكانت السويد بذلك اعلى دولة في الإغتصاب في أوروبا.. لعدم وجود عقوبة رادعه للجريمة تكفي لترهيب أهل الإجرام.
موقف الإسلام
يقول الأديب الشهير ليو تولوستوي ان شريعة محمد (عليه السلام) ستسود العالم لنسجامها مع متطلبات الإنسان .. وبالفعل شرعة رسول الله هي أفضل شرعة لكبح مفتاح خط الجرائم
في الإسلام يتميز بأنه يعمل على خلق هالة في نفوس المجتمع تكبح الجريمة ولاينتظر وقوعها ثم يتعامل معها فختار لبوابة الاختلاس والاغتصاب والقتل عقوبة لايتحملها المجرمون وهي قطع اليد
رفض الإسلام تلك العقوبات التي كانت تتم قبل ظهوره تجاه السُراق من قتل او تعذيب حتى الموت او مفاضلة في العقوبات .. فجعل للسرقة حداً محدداً من عند الله لا اجتهاد فيه وهو قطع اليد .. واما ان اقتضى الامر ما لايستحق القطع فللمسلمين أن يختاروا ما يشاؤون من عقوبات للسُراق لكن لايزيدوا على حدود الله فيقتلوا او يقطعوا شيئاً أكثر من اليد كالذراع أو الساق ونحوه .. فحد الله هو اليد فقط لايزاد عليه ومادون ذلك فالحبس ونحوه.
فالحد هو الشيء الذي لايمكن تجاوزه ولكن هناك مساحه خلفه.
أي ان قبل قطع اليد هناك مساحه ضخمه للقضاة ان يتصرفوا بها كالحبس اوالتوبيخ او الجلد ولكن ليس لهم مساحه أبداً فوق قطع اليد كون الله قد حد حداً للسرقة.
وهذا من ما يميز شرعه الرسول محمد عليه السلام وانسجامها مع كل زمان ومكان .. بحيث لايظلم السارق فينهي حياته ولا يظلم المجتمع فيصيبهم بالسُراق وتوابع أعمالهم وتطورها ..
فخلق رهبه تمنع من ارتكاب الجريمة التي تتطور وتنخر المجتمعات والتي تصل بها الحال احيانا الى الدخول في مؤسسات الدولة فيكون للدولة ممتنهين للسرقة .
إلا ان الإسلام عانى من معضلة ضبط معيار قطع اليد والسبب في ذلك هو حديث علق في حلق المسلمين كان لابد من النظر فيه.
ويحكي الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن معيار قطع اليد فقال تقطع يد السارق بصاع وأكثر ..
وهذا أمر لابد من النظر فيه .. لا امتلك العقلية الجبارة في التحقيق ما اذا كان الرسول قد قال ذلك بالفعل ام لا.
لكنني سأنطلق من طريق آخر أظنه يفسر ضيق هذا المعيار الذي قاله عليه السلام.
رسول الله عاش في بيئة صعبه وقام بانقلاب ضخماً في مجتمعه فخلط الضعفاء بالأغنياء وأتى بالغرباء الى البلاد الأمر الذي جعله يحتاج ان يضبط أمن اغنياء بلاده بصفته رئيساً للبلاد فوضع معياراً ضيقاً بسبب ضغوط الفترة التي عاشها رسول الله حتى لاينفرط عليه أمن البلاد فتقع صراعات بين طبقات المجتمع تنهي بالبلاد.
فيكون حديثه عليه السلام حديثاً ظرفياً ..
أما اليوم فمع تضخم مؤسسات الدولة و تمدد المؤسسات الامنية فالمعيار لابد أن يختلف فسرقة الصاع لاتناسب قيمة قطع اليد وانما يكتفى بذلك أشياء أخرى يراها القضاء تحقق غاية الأمان التي ينشدها الإسلام.
فلا سرقة السيارات ولا مجوهرات النساء تستوجب قطع اليد اليوم .. بل لما يترتب عليه مفاسد عظيمة كسرقة تبرعات أموال اللاجئين السوريين أو خزينة البلاد التي هي ملك عام و التي تحتاج فعلا رهبة عظيمة لمنعها لما فيها من مفاسد عظيمة .. فلا يوقفها أمور لاترهب كالسجن الذي يرى السارق ان المليارات تستحق منه التجربة لذلك فتكون تجربته ضحايها الملايين من البشر.
فلذلك جاء الإسلام بمعايير تضمن منع حصول الجريمة بمعايير قاسية على المجرمين .. لكن رحيمة على المجتمع من اهل الإجرام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق