إيقاظ الحكمة من وحل التحريف
منذ تأصيلها في عصر اليونان الذهبي اعطيت مسمى عميقاُ وهو فيلو وتعني (محبة) وسوفيا (الحكمة)
أي حب الحكمة .. إلا ان هذه المهارة التي تحتاج إدراكاً عميقاُ للعلوم لكي يحصل الإنسان على لقبها (فيلسوف) أصبحت الآن في مرمى عبثي سحب هالتها وجعلها عالة على ادراك الامور وفق غاياتها ..
كانت الفلسفة بطبيعة عملها تعمل على احاطة الشيء من عدة جوانبه .. فكانت تقتضي طرح السؤال المنطقي والبحث حول الأسئلة الصعبة كصفات الخالق وطريقة عمل الكون وحرية العقل ..
وتمددت الفلسفة لتصل الى عدة علوم حديثة تشعبت طرقها واصبحت الفلسفة بطبيعة عملها ركناً اساسياً في تأليف موسوعات فلسفية تحيط بالعلوم من عدة جوانب وتربط مايمكن ربطه حتى تحيط به من عده جوانب تحقق غاية الحكمة التي وجدت الفلسفة لأجلها ..
ولكن ..
لم تسلم الفلسفة من التحريف وتعمد إساءة استخدامها في امور لا علاقة لها بالحكمة ..
انحنت الفلسفة - بالذات عند الشابات والشباب العربي - الى الظن أن الفلسفة تعني احاطة المسئلة بالغموض؟
فظهر تُجار الكتاب ليشتغلوا على هذا المنحنى المُحرف للفلسفة كون العامة تبجل هذا النوع من الفلسفة - وما هو بفلسفة - فاصبح هذا التحريف للحكمة سائد في مجتمعاتنا ..
وهنا ينبغي أن نتسائل .. أين وجه الحكمة في خلق الغموض؟
يكتب أحدهم:
(كفرَ المعبد حينما ساوى بين التي سلب الحب بكارتها .. و بين التي أحبت سلب بكارتها)
بغض النظر عن الفكرة التي يعمد الكاتب الى إيصالها .. لكن هذا الكم الهائل من خلق الغموض لايعبر عن أي وجه حكمه ..
وانما محاولة لتلبيس فكرة كان يمكن إيصالها الى شريحة أكبر للناس مما هي عليها الآن بهذه الحُلة التشكيلية التي تقصد الكاتب بها الإستعراض على جمهوره.
لم تعرف الفلسفة اي الحكمة على هذا النحو من التلبيس والغموض والربط الغير منطقي و الابتزازي .. وانما عرفت على نحو ابعد من هذا بكثير
عرفت على انها احاطه الشيء من عده جوانبه .. فالفيلسوف هو الذي يؤلف كتاباً عن الجنس - مثلا - يحيط به من عده منافذ فسيولوجية واجتماعية وأخلاقية .. فيقال هذا كتاب لفلان في فلسفة الجنس.
.. ولايعمد ابداً على خلق غموض في مؤلفاته ولايقال على هؤولاء فلاسفة ..
قد يقول الفيلسوف مقولة لاغموض بها ولكنها تحمل معانِ عميقة كقول الفيلسوف الملحد الشهير كارل ماركس
( إذا أردت أن تعرف مدى تقدم مجتمع ما، فانظر إلى وضع المرأة )
هنا لاغموض ويفهمه الجميع ويقدم على اثره حكمه واضحه المقصود ويندرج تحت هذه المقولة الفلسفية مئات التسائلات حول المراة وينشأ على اثر مقولته فلسفات تعني بدور المراة في المجتمع وتاخره بتاخرها ..
فلذلك لاينبغي ان تنحني الفلسفة لدينا بشكل يخالف الهدف الذي وجدت له الفلسفة .. فتصبح غموض وتشكيل وخلط غير منطقي ..
بل تبقى وسيلة تحقق اقصى منفعه للعلوم كما اُريد لها ..
the defender
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق