ماذا كان علم الجرح والتعديل؟
ماذا كان علم الجرح والتعديل .. تصفية حسابات وغيبة ونميمة؟
الجرح والتعديل هو علم يختص بالتأكد من سلامة النقل في الإسلام حتى لايُحرف ويضيع مع رياح المبالغات والأكاذيب والخطأ.
فعمل المسلمون على تتبع مستوى واهلية من ينقل علوم الإسلام حتى لاينقص في الإسلام شيء أو يزيد عليه ما ليس منه وحققوا بذلك درجات علمية قوية في النقل شهد لها غير المسلمين.
لكن للأسف الشديد ظهر من المسلمين اليوم من يقول بأن هذا العلم هو غيبة ونميمة وانه لايصح ان يُعمل به ولقي هذا الكلام تصفيقاً وتزميراً لدى من يتحمس الى تحليلات المؤامراتية والطعن في علوم المسلمين.
بعيداً عن ذلك كان لهذا العلم الدور الاكبر في تمييز الإسلام عن باقي الديانات فحفظ كتابه من التحريف والزيادة والنقصان.
فبهذا العلم تصدى المسلمون لقراءات خاطئة كثيرة للقرآن كانت قد ظهرت إما بقصد التحريف أو عن جهل في قراءة القرآن.
فكانت قراءات خاطئة للقرآن ستظهر لولا لم يتم تجريح هذه القراءة وصاحبها لو تبين تعمده في هذه القراءة او تجريح قراءته لو ثبت خطئه فيها .. فليس علم الجرح والتعديل يطعن في عداله الانسان كشخصه كما ظن من قبلوا انه غيبة ونميمة .. وإنما هو في أصله تجريح الخطأ أن حصل أو قد يصل الى صاحب الخطأ ان ثبت تعمده لأنه لايمكن لعاقل ان ينقل عمن يعرف كذبه.
فالإمام عبدالرزاق الصنعاني صاحب المصنف موثق في نقله لكنه لم يعد كذلك بعد ان اصيب بالعمى .. فلم يطعن به وإنما اخبروا ان اخباره بعد ان عمي لم تعد كما كان مبصراً وهذا ليس طعناً بشخصه أبداً.
قال تعالى ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )
كانت هذه الآية ستحرف تحريفاً له غاية عرقية أو خطأ غير متعمد لو لم يلتفت اليها وسمح ان تنقل هكذا عن كل من قرأها بهذا شكل .. فكانت كلمة (أنفُسِكم) تقرأ (أنفسِكم) أي من النفيس والغالي .. أي كأن نقول أن هذا المعدن نفيس .. وبقراءة انفسكم بهذا المعنى سيعطى معنى خاطئ للقرآن فالله لم يقل ان الرسول نفيس وانما قال انه من قومه.
وبذلك تتحرف الآيات.. لكن الله حفظ كتابه عبر نسائه و رجاله الذين تناقلوه لفظاً ومعنى فلم يطله التحريف بفضل إلهام الله للمؤمنين بعلم الجرح والتعديل.
كذلك في أحاديث رسول الله التي كذب عليه بمئات الألوف من احاديث فوجدت احاديث تخبر بأن رسول الله يعطي امتيازات عرقية وانه يأمر بما يخالف رسالته او تصوره بصور غير لائقه ويأمر بأشياء سخيفة.
فعمل علم الجرح والتعديل على التصدي لأكبر قدر ممكن من هذه الأحاديث .. وعلى الرغم من صعوبة هذا العلم إلا انه تسبب في جعل رسول الله عند المفكرين والفلاسفة شخصية تاريخية عظيمة كما قال عنه الله في القرآن الذي اتى به بسبب مجهود المسلمين في حفظ تراثه العظيم.
وبطبيعة الحال وكما يحصل مع كل الشخصيات التاريخية لصق بالرسول أخبار غريبة وغير معقولة ولاتتناسب مع شخصيته بالمُجمل وهذا لابد منه في شخصيات التاريخ.
فقد لصق بالاسكندر الاكبر من هذه الاخبار ما لايعقل مع واقع سيرته .. ولصق كذلك بأدولف هتلر ما ينافي مايُعرف عنه وبجوتاما بوذا وهارون الرشيد وخالد ابن الوليد وتشي جيفارا والكثير من الشخصيات التاريخية المشهورة أن لم يكن كلها تلقى هذا النوع من الإغراب في الاخبار عنهم ولعل ذلك طابع بشري في النقل في حب الاختلاق والمبالغة.
واخيراً على الرغم من حرص المسلمين في تتبع أحسن الرجال والنساء في النقل .. تبين ان أصح الكتب بعد القرآن في درجه الثبوت وهما صحيح البخاري و صحيح مسلم يعانون من دسائس وغرابات لاتعقل انه يكون شخصاً كالرسول قد قال وفعل ذلك بناءً على مجمل شخصيته وطبيعة تصرفاته من تاريخه وفقا لشهادات معاصريه.
فماذا لو لم يوجد علم الجرح والتعديل؟
لكان لدينا الآن آيات زائدة وقراءات خاطئة ودلالات خارج المقصود والعديد من القرائين وملايين الاحاديث والاخبار لايعرف من أين جائت.
ولضاعات أخبار القرآن وشهاده المعاصرين لأحادثه .. فلن يعرف من هو أبو لهب ولماذا نزلت به آيه وماذا حصل لكي تنزل سورة الكوثر ومن هو الشانئ في الآية .. ومن هو كبيرهم الذي تولى امرهم في سورة النور والكثير من ذلك.
ولكن بفضل الله ورحمته هيئ للإسلام نساء ورجال يحفظون دينه من تحريف العابثين وخطأ الجاهلين.
the defender
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق